( خطبة عن الحج )
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا ً رسول الله .
أمـــا بعد..
إن الله تعالى جعل لنا ختام السنة مسك .. جعله شهرٌ يخرج فيه المرء كيوم ولدته أمه ،
نقيا ً طاهرا من الذنوب ، ويكون ذلك بشعائر ر وأركان فرضها الرب تعالى لنا رحمة ً منه ؛
لأنه يريد بذلك أن نستغفر لذنوبنا طوال السنة ؛ لأنه كريم رحيم يريد لنا الخير
وأن تكون صحيفة أعمالنا مطوية في نهاية السنة بفعل الخير والطاعات .
هذه الشعيرة هي الحج ، وهي الركن الخامس من أركان الإسلام ... ولغة هي: القصد ،
أما شرعا ً فهي قصد مكة المُكرمة لعمل مخصوص في وقت مخصوص في مكان مخصوص .
قال الله تعالى :
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ً وعلى كل ِ ضامر ٍ يأتين من كل فج عميق ) .
شعيرة عظيمة تبدأ بقدوم الناس من جميع أنحاء الأرض قاصدين مكة الطاهرة ذات البقعة العظيمة ذات الشرف الكبير بوجود الحرم فيها و هي من الأماكن المقدسة لهذا السبب.
فهم يجتمعون باختلاف جنسياتهم ولغاتهم وألوانهم تربطهم رابطة وهدف واحد هو تلبية شعائر الله تعالى ... فسبحان الله ! شعيرة ذات غذاء روحي وغذاء مادي ، لأنهم يأتون وهو راغبين في غفران الله ورضاه ورحمته ، أيضا ًجالبين معهم أنواعا ً منوعة غريبة قاصدين بها التجارة من بلدانهم ، كلهم حسب ميزة بلده ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم وابتغ ما أتاك الله الدار الآخرة ولاتنسى نصيبك من الدنيا ) .
مما جعل ذلك أن مكة المكرمة تكون في الحج مكان تجارة كبيرة وعظيمة بين المسلمين ...
وأثناء القيام بالشعائر في منى ومزدلفة تكون هناك المحاضرات والخطب والمشاورات حول الشعيرة أو حول أمور أخرى تخص الإسلام والمسلمين ، فيكون اجتماعهم اجتماعا ً كبيرا ً كأنه مؤتمر إسلامي عظيم على اختلاف الجنسيات يذكر بعضهم بعضا ً ويُصحح فيها الأخطاء والنيات بالتجديد والعزم على عدم الرجوع إلى المعصية ، ويُشجع بعضهم بعضا ً ..
فسبحان مؤلف القلوب وحاميها ، جعل لأمته طريقا ً واضحا ً سلكا ً حتى يمشون فيه ليرزقهم مما لديه عز وجل من نعيم مُقيم في الآخرة مقابل أعمال بسيطة يقومون بها ويخلصون نيتهم فيها ابتغاء وجهه تعالى مثل الحج تماما ً ، ومن اليُسر أن جعله مرة واحدة في العمر ، أما إن أراد المسلم أن يحج مرة أخرى فهي تطوع منه مقابل الجزاء الوفير من الله عز وجل ...
ألا فصلوا وسلموا على الهادي البشير والسراج المنير فقد أمركم رب العزة فقال:
( إنالله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ً ).
اللهم عز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدا الدين واحمي حوزة الدين وأضل الكفر والكافرين يا رب العالمين .
إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى واليتامى والمساكين وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .